محمد حامد (دبي)

لم تغب الكرة التونسية عن منصات انتزاع البطولات العربية والقارية، على مستوى الأندية والمنتخبات، لكي نقول إنها عادت من جديد، إلا أن الأداء الذي لم يكن متناسباً مع طموحات الشارعين التونسي والعربي في «مونديال روسيا 2018»، تسبب في إحباط عشاق الكرة التونسية، وزرع بعضاً من «غيوم الشك»، كما أن الأداء المتواضع لفريق الترجي في مونديال الأندية الذي أقيم في أبوظبي نهاية 2018 جعل غيوم الشك تمطر غضباً.
المنتخب التونسي استفاق سريعاً من الصدمة المونديالية، وعاد بقوة مع مدربه الحالي آلان جيريس، لينتزع بطاقة التأهل لأمم أفريقيا «مصر 2019»، بأداء مقنع ونتائج جيدة، متصدراً مجموعته على حساب المنتخب المصري، كما أن الأندية التونسية، بدورها تملك المقدرة على إعادة الثقة للجماهير دائماً، خاصة أن تلك الأندية هي الرقم الصعب على المستويين العربي والقاري، وتعرف الطريق إلى منصات التتويج من دون غياب طويل.
حققت الأندية التونسية 30 لقباً في بطولات الأندية العربية والأفريقية، منها 7 ألقاب في دوري أبطال العرب، آخرها لفريق النجم الساحلي على حساب الهلال السعودي، وذلك خلال المباراة التي أقيمت بينهما في النهائي العربي الذي يحمل اسم كأس زايد، وأقيم في العين، لتبصم الإمارات على عودة الكرة التونسية للتوهج من جديد، فقد تربع النجم الملقب بـ«ليتوال» على البطولة العربية، والترجي بدوره متوج بلقب دوري أبطال أفريقيا في نسخته الماضية، وتأهل من دون معاناة إلى نصف نهائي النسخة الحالية، وهو الفريق الوحيد الذي لم يعرف الهزيمة في مرحلة المجموعات، حاصداً أكبر عدد من النقاط، والذي بلغ 14 نقطة.
وفي بطولة الكونفدرالية الأفريقية، يسير الصفاقسي والنجم الساحلي بخطى جيدة، ما يؤكد الحضور التونسي القوي على المستويات كافة، سواء في البطولة العربية للأندية التي انتزع النجم الساحلي لقبها، بعد تفوقه على أفضل أندية العرب في طريقه للقب، وأبرزها الوداد والرجاء من المغرب، والمريخ السوداني، والهلال السعودي، أو من خلال الأندية التي تتألق أفريقياً في بطولتي دوري الأبطال والكونفدرالية، وكذلك المنتخب الذي تصدر مجموعته في تصفيات التأهل لأمم أفريقيا على حساب المنتخب المصري.
ما حققه «ليتوال العرب»، باستاد هزاع بن زايد بمدينة العين، سوف يكون حلقة معنوية جديدة تصب في طموح «نسور قرطاج» في التحدي الأفريقي الذي ينطلق في مصر 21 يونيو المقبل، وعلى الرغم من أن المنتخب المغربي، وكذلك منتخب السنغال، هما الأكثر ظهوراً في صدارة الترشيحات للفوز بأمم أفريقيا في نسختها المقبلة، وكذلك المنتخب المصري مدعوماً بالجمهور، وتأثير نجمه العالمي محمد صلاح، إلا أن «نسور قرطاج» سوف يقول كلمته المسموعة في التحدي القاري.
«نسور قرطاج» هو الأفضل عربياً والثاني أفريقياً في أحدث تصنيف لـ«الفيفا»، حيث يحتل منتخب تونس المركز الـ28 عالمياً، ليقترب من أفضل تصنيف عالمي له، حينما احتل المركز الـ26 عالمياً، ولا يتفوق في «القارة السمراء» على المنتخب التونسي سوى نظيره السنغالي، ويملك التونسيون تشكيلة متنوعة في الوقت الراهن، بها بعض الوجوه المحلية التي تدافع عن ألوان الأندية المتألقة عربياً وقارياً، وعلى رأسها الترجي والنجم الساحلي والصفاقسي والأفريقي، كما أنها تعتمد بدرجة ما على العناصر المحترفة عربياً، وكذلك أوروبياً، خاصة في الدوري الفرنسي.
وبالعودة إلى مكانة الكرة التونسية عالمياً، فإن منتخبها شارك في كأس العالم 5 مرات، أعوام 1978، و1998، و2002، و2006، وأخيراً 2018، كما أنه الأفضل عربياً في تصنيف «الفيفا» الحالي، وسبق للمنتخب التونسي الفوز بلقب كأس العرب عام 1963، أما الأندية فهي الثانية عربياً بعد أندية السعودية التي فازت بدوري أبطال العرب 8 مرات، في حين حققتها أندية تونس 7 مرات، وعلى المستوى الأفريقي تحل أندية تونس في المركز الثاني، بعد الأندية المصرية على مستوى بطولات القارة للأندية، فقد فازت أندية مصر بالزعامة القارية في 35 بطولة، فيما تصدر التونسيون المشهد في 23 بطولة.


ما يميز الكرة التونسية ويجعلها تسجل حضورها الدائم عربياً وقارياً، فضلاً عن مشاركتها في كأس العالم 5 مرات، أنها تملك شعبية كبيرة في الشارع، وتاريخاً حافلاً منذ القرن الماضي، وعناصر محترفة أوروبياً منذ سنوات بعيدة، ويضاف إلى ذلك أنها كرة تكتيكية وبدنية في المقام الأول، حيث يملك التونسيون وعياً تكتيكياً لافتاً، وجاهزية بدنية كبيرة، نظراً للتأثر بالكرة الأوروبية ومدارسها، ويتفوق التونسيون على كثير من المنتخبات العربية في الجانبين البدني والتكتيكي.

الشيخاوي: العودة من «بوابة البطولات»
أبدى ياسين الشيخاوي كابتن النجم الساحلي، سعادته الكبيرة باللقب المهم، لأنه يتزامن مع عودته إلى الفريق، بعد سنوات من الاحتراف الخارجي، مشيراً إلى أن العودة جاءت من الباب الكبير، بما يرفع من معنوياته ويحفزه لمواصلة مسيرته في أفضل الظروف، خاصة أن مسؤوليته كبيرة، في دعم «ليتوال» بالخبرة التي اكتسبها والتجربة التي يملكها.
وشدد على أن التتويج مستحق، وذلك بعد مسيرة صعبة وقوية، قدم خلالها النجم أداءً ثابتاً، ونجح في إزاحة العديد من الأندية المرشحة للبطولة، مبدياً ثقته بقدرات فريقه، وموجهاً الشكر لزملائه اللاعبين والجهاز الفني بقيادة روجيه لومير.
وأضاف أن التتويج له الأثر الإيجابي على مستقبل النادي، خاصة على المستوى المالي، حيث يعاني النجم في الفترة الماضية من صعوبات مالية، وبعد الحصول على الجائزة الكبيرة بالإمكان تجاوز الصعوبات ودخول مرحلة أكثر إيجابية.
وفيما يتعلق بالمباراة النهائية، قال: النجم واجه فريقاً كبيراً يملك لاعبين مميزين، وله تاريخ كبير مع الألقاب، مشيراً إلى أن سيناريو اللقاء شهد إثارة كبيرة، إلا أن لاعبي النجم تعاملوا مع المباراة بتركيز عالٍ، وطبقوا تعليمات المدرب، ونجحوا في حسم المواجهة بالهدف القاتل، والتتويج باللقب المستحق.

المثناني: الهدف «ذهب خالص»
كشف محمد المثناني صاحب هدف الفوز للنجم الساحلي، في نهائي كأس زايد للأبطال، أنه لم يسجل أي هدف منذ انضمامه إلى فريقه الجديد «جوهرة الساحل»، بداية الموسم الحالي، والهدف الذي أحرزه أمس الأول أمام الهلال بمثابة «الذهب الخالص»، لأن له مكانة كبيرة في مسيرته لاعباً، وأيضاً بالنسبة لفريقه الذي فاز بأول لقب في المسابقات العربية.
وأضاف أنه توقع التسجيل في المباراة، وكشف عن ذلك لبعض زملائه اللاعبين، قبل التوجه إلى ملعب هزاع بن زايد، مشيراً إلى أنه تحلى بأعلى درجات التركيز، عندما دخل بديلاً في تشكيلة النجم، واستغل الفرصة المواتية، وأضاف الهدف الثاني لفريقه.
وأشار إلى أنه خاض نهائيين في مسيرته، خسر في الأول، ونجح أمس الأول في التتويج بالثاني، وحصد اللقب العربي، مبدياً سعادته الكبيرة بالأجواء الإيجابية التي يعيشها مع النجم.
وعن أهمية اللقب، أكد المثناني أن التتويج بالبطولة العربية يأتي في توقيت مهم، حيث يعد أول ألقاب الموسم، ما يحفز اللاعبين لمواصلة المنافسة بقوة وجدية على بقية الجبهات الأخرى، سواء المحلية أو الأفريقية، والسعي لإسعاد الجماهير بالمزيد من النجاحات الأخرى، وشدد على أن فريقه مقبل على إياب ربع نهائي كأس الكونفدرالية الأفريقية أمام الهلال السوداني الثلاثاء المقبل، الأمر الذي يتطلب إيقاف الأفراح، والتركيز على اللقاء المهم في السباق الأفريقي.